الأربعاء، 21 مايو 2008

آخر الاسبوع بقلم : محمد أبو الحديد إسرائيل وفلسطين .. في الستين

آخر الاسبوع بقلم : محمد أبو الحديدE- mail: abuelhaded@eltahrir.net
إسرائيل وفلسطين .. في الستين
اليوم تبلغ "دولة" إسرائيل سن الستين.. وكذلك القضية الفلسطينية. وسن الستين. بالنسبة للأفراد العاملين. هي السن
التقليدية للتقاعد. أو الإحالة للاستيداع.. وإن كان ارتفاع متوسطات الأعمار في الفترة الأخيرة. قد رفع هذه السن. في كثير من دول العالم إلي ما بين الخامسة والستين إلي السبعين. والمشهد الظاهر الآن لا يوحي بإجابة قاطعة علي سؤال: هل يحدث "تعايش" بين إسرائيل والفلسطينيين؟! وإذا لم يحدث التعايش فأي الطرفين سيحيل الطرف الآخر إلي المعاش؟! إسرائيل - رغم انقساماتها الداخلية - ماضية. وبدعم أمريكي غير مسبوق في تعزيز وجودها كدولة علي أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية. والفلسطينيون - رغم انقساماتهم الداخلية أيضا - يرفضون الاستسلام. ويرون أنه رغم مرور ستين عاماً علي قضيتهم. فإنهم - كمجتمع - مازالوا أكثر المجتمعات شباباً في المنطقة. بما في ذلك المجتمع الإسرائيلي. وأن قدرتهم علي الصمود والمقاومة تتزايد ولا تتناقص. رغم "الظروف المحبطة" التي تحيط بهم من كل جانب. والظروف المحبطة.. لا تخفي علي أحد. *** لكن الخوف كل الخوف أن يكون القادم من الظروف أكثر إحباطا. أحسست بذلك فيما كتبه فلسطيني يعمل أستاذاً للغة الانجليزية والأدب المقارن بجامعة كاليفورنيا الأمريكية اسمه "ساري مقدسي" ونشرته صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية. إنه يقول لنفسه وللفلسطينيين.. ولنا جميعا: - لا تحلموا.. حتي حل الدولتين الذي يتبناه الرئيس الأمريكي جورج بوش وارتضيتموه علي مضض.. لن يتحقق. يضيف: - لم تعد هناك "أرض" يمكن إقامة الدولة الفلسطينية عليها.. ومنتهي الأمل أن يكافح الفلسطينيون من أجل أن يعيشوا مع الاسرائيليين في دولتهم ويحصلوا علي حقوق متساوية معهم. اقرأ معي ما سجله من حيثيات لهذه الخلاصة: كتب "مقدسي" يقول: لم يعد هناك ما يعرف بحل الدولتين للصراع العربي - الإسرائيلي. دعكم من كل تلك الحجج التي لا تنتهي. ومن كل تلك الأسئلة عن من قدم ماذا؟ ومن هو الطرف الذي بدأ بإظهار الاحتقار للآخر؟ ومن أن عملية "أوسلو" للسلام قد انتهت عندما انسحب ياسر عرفات من المفاوضات. أو عندما انتهك "آرييل شارون" ساحة الأقصي ذات يوم. السبب الذي يدعوني لهذا القول هو نجاح إسرائيل بعد عقود من الاحتلال للأراضي الفلسطينية. ومن خلال البناء الكثيف للمستوطنات في إحكام قبضتها علي الأراضي التي كان يفترض قيام الدولة الفلسطينية عليها. لاشك أن الكثير من الأمريكيين سوف يصابون بالدهشة. عندما يعرفون أن حل الدولتين الذي سعوا إليه لسنوات. قد تحول إلي فكرة غير عملية. لأن 40 في المائة من أراضي الضفة بحسب "مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية" قد تم تخصيصها واستغلالها لتنفيذ مشاريع البنية التحتية للمستوطنات الإسرائيلية. أما الجزء المتبقي منها فقد عمدت إسرائيل. وعلي نحو منهجي. إلي تقسيمه إلي عشرات المعازل المنفصلة عن بعضها البعض وعن العالم الخارجي بواسطة 612 نقطة تفتيش وحاجز طريق. علاوة علي ذلك. تشير التقديرات إلي أن عدد المستوطنين اليهود الذين يسكنون تلك المستوطنات قد وصل حاليا إلي نصف مليون نسمة وأنهم يتكاثرون بمعدل يفوق بثلاثة أضعاف معدل نمو السكان اليهود داخل باقي مناطق إسرائيل. والخطورة تكمن في أن الكثيرين من هؤلاء المستوطنين مدججون بالسلاح. ومتشددون عقائدياً وليس من المتوقع أن يخرجوا طواعية من الأراضي التي يقولون "إن الله قد أعادها لهم". ولم تتوقف إسرائيل منذ انطلاق عملية السلام في تسعينيات القرن الماضي عن التوسع الاستيطاني. كما استبقت مؤتمر "أنابوليس" بالإعلان عن تخصيص المزيد من الأراضي لإقامة مستوطنات عليها. وأتبعته بإعلان نيتها التوسع في المستوطنات القائمة وبناء أخري جديدة. والإسرائيليون لا يبنون المستوطنات فوق الأراضي الفلسطينية بسبب افتقارهم إلي الأراضي داخل إسرائيل نفسها. وإنما بسبب اعتقادهم أن هذه الأراضي من حقهم لمجرد أنهم يهود. وهذا الموقف لا يختلف كثيراً عن موقف رئيس الوزراء "إيهود أولمرت". فعلي الرغم من أن "أولمرت" يقول إنه يعتقد بالنظرية القائلة إن إسرائيل يجب أن تتخلي عن مناطق الضفة الغربية التي يوجد بها كثافة فلسطينية كبيرة. إلا أنه هو أيضاً الرجل الذي قال عام 2006 إن كل تل في "السامرا" وكل واد في "يهودا" هو جزء من أرضنا التاريخية. والسؤال: أي وجود يمكن أن يكون للفلسطينيين في هذه الرؤية اليهودية للحق في الأرض؟ لا وجود بالطبع. بل إن اليهود في الحقيقة ينظرون إليهم. علي أنهم يمثلون مشكلة ديموغرافية. فالدولة اليهودية التي يحتفل اليهود حالياً بعيد إنشائها الستين. الذي يسميه الفلسطينيون الذكري الستين للنكبة. ما كان يمكن أن تبرز إلي الوجود دون استئصال 700 ألف فلسطيني من ديارهم كما يقول المؤرخ الإسرائيلي "بيني موريس". * * * هذه هي حيثيات البروفيسور مقدسي.. وإذا نظرنا إليها وإلي ما يجري علي الأرض بالفعل.. وما يحيط بالقضية الفلسطينية من ظروف محبطة.. احتلال في العراق.. وصراع في لبنان.. ومشاكل في السودان.. وتهافت سوري علي حل مشكلة الجولان مع إسرائيل.. فإن الخلاصة التي انتهي إليها "مقدسي" تبدو منطقية. ومع ذلك لا يجب أن يدفعنا ذلك إلي اليأس.. بل إلي مزيد من العمل لإزالة كل عوامل الإحباط. ففي النهاية.. تاريخ أي منطقة لا يكتبه شعب واحد أو دولة واحدة.. وقراره لا يعتمد دائماً علي العوامل المنظورة وحدها.
بنك.. التعليم لا يمكن تطوير التعليم. أو الحديث عن جودة التعليم. دون توفير الموارد اللازمة لتمويل ذلك. لكننا. للأسف. نتحدث في المؤتمرات والمنتديات عن التطوير.. والجودة. ونضع الاستراتيجيات والخطط. ثم تأتي الاعتمادات المالية المخصصة للتعليم قاصرة عن الوفاء بشيء مما نتحدث عنه. قضية التمويل بالنسبة لتطوير التعليم وجودته في غاية الأهمية.. فالتعليم قبل أن يصل إلي الطالب هو معلم مؤهل تأهيلاً عالي المستوي. مستريح مادياً ونفسياً.. وهو منهج تم الإنفاق علي إعداده بأفضل جودة.. وهو مبني وتجهيزات.. ومعامل وتغذية.. وبرامج رياضية وترفيهية. وأنشطة. ومتابعة خلال الدراسة وما بعد الدراسة.. إلي آخره. وكل ذلك يحتاج إلي إنفاق.. وإذا كنا نرفع شعار "التعليم أمن قومي".. ونعتبر أنه حماية للمجتمع. وأساس لتقدمه والحفاظ علي هويته. فإن ذلك يعطي لقطاع التعليم الحق في أن يحصل من التمويل علي مثل.. أو ما يقترب من مثل ما تحصل عليه مؤسسات الأمن القومي في المجتمع.. القوات المسلحة. والشرطة وغيرها. وإذا كانت موارد الموازنة العامة للدولة قاصرة عن تحقيق ذلك.. فيجب أن نجعلها قادرة علي تحقيقه. لسنا وحدنا الذين نعاني من قصور في تمويل التعليم.. فهذه مشكلة عالمية. ومنذ أيام. دعا "ديفيد ماننج" سفير بريطانيا السابق في واشنطن. قادة الدول الصناعية الثماني الكبري. إلي ان يتبنوا في قمتهم القادمة باليابان في يوليو. فكرة انشاء "بنك دولي للتعليم" علي غرار البنك الدولي الحالي للانشاء والتعمير. لتمويل تطوير التعليم ومشروعاته في كل دول العالم التي تحتاج لذلك.. وبالذات الدول النامية. واقترح "ماننج" ان يضم البنك الجديد في عضويته كل الدول الاعضاء في الأمم المتحدة "195 دولة".. والمنظمات الدولية الأخري المعنية.. والبنوك والصناديق ومنظمات الأعمال علي مستوي العالم. بالاضافة إلي منظمات المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية. وقال إن هذا البنك يحتاج الي توفير عشرة مليارات دولار سنويا لتحقيق الهدف الذي اتفقت عليه كل دول العالم في مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد عام 2000 بمناسبة بدء الالفية الثالثة. وهو توفير مكان مناسب بالتعليم لكل طفل في العالم. وأضاف أن المؤتمر كان قد أقر بأن يتحقق هذا الهدف بحلول عام ..2015 لكن نصف هذه المدة انقضي ولم نصل الي شيء.. بل إنه لايبدو أننا قادرون إذا سرنا علي نفس الوتيرة علي تحقيق ذلك ولا سنة .2050 ومن هنا ألح "ماننج" علي فكرة إنشاء هذا البنك الآن. وفي رأيي أن هذه الفكرة قابلة للتطبيق علي المستوي المحلي أيضا. بنك أو صندوق مصري لدعم التعليم. تشارك فيه منظمات وأجهزة حكومية. ومنظمات رجال الأعمال. وصناديق استثمار. وبنوك. ومنظمات غير حكومية. ويستطيع هذا البنك أو الصندوق أن يمول مشروعات انشاء مبان مدرسية.. أو تجهيز مبان قائمة بما تحتاجه من معامل وأدوات ومعدات.. أو دعم تمويل مشروعات التغذية المدرسية. أو إنشاء ملاعب ومنتديات رياضية مدرسية.. وتقديم جوائز ومنح دراسية مجزية للمتفوقين من طلبة كل المراحل التعليمية. سواء المتفوقون دراسيا. أو في المسابقات التي يتم تنظيمها في المجالات المختلفة.. ثقافية وفنية ورياضية. لماذا لاندرس الفكرة؟!
مخاوف .. مشروعة الدول الرأسمالية الكبري. التي طالما طالبتنا نحن الدول النامية بأن نفتح أسواقنا بلاقيود للاستثمارات الأجنبية. الدول الرأسمالية الكبري. التي طالما ضغطت علينا لكي نتيح للأجانب حقوق التملك علي أرضنا. والاستحواذ علي أصولنا وشركاتنا ومصانعنا. الدول الرأسمالية الكبري. التي لم تراع أبدا مخاوفنا المشروعة كاقتصاديات ناشئة من أن يؤدي ذلك بنا إلي وقوع اقتصادياتنا تحت هيمنة الأجانب. الدول الرأسمالية الكبري التي كانت تندهش حين نقول عن مرافق أو قطاعات بعينها في بلادنا إننا سنبقيها وطنية. أو في يد الدولة. لأنها تمس أمننا القومي. هذه الدول الرأسمالية الكبري نفسها بدأت تبدي انزعاجها من اتجاه الأجانب للاستحواذ علي شركات بعينها فيها. وتتدخل حكوماتها في الشهور الأخيرة لمنع إتمام صفقات. رافعة شعار الأمن القومي والمصالح الوطنية. * اليابان رفضت إتمام صفقة بريطانيا للاستحواذ علي جزء أكبر من شركة الطاقة اليابانية. * كندا أوقفت بيع شركة الأقمار الصناعية الكندية لشركة "تتش سيستم" الأمريكية. * نيوزيلانده أوقفت صفقة بيع مطار أوكلاند لشركة كندية. * أمريكا نفسها.. تصرخ الآن من استغلال الأوروبيين لانخفاض سعر الدولار لأدني مستوياته. والتدفق لشراء الشركات الأمريكية بأرخص الأسعار. وسبق لأمريكا عام 2006 كما نتذكر وقف صفقة حصول "دبي" علي حقوق إدارة عدد من المواني الأمريكية بدعوي الأمن القومي. هذه مجرد أمثلة .. والرسالة واضحة.

ليست هناك تعليقات: